Wednesday, March 23, 2016

ساكنيها بيقولولي ايه ؟!

مش عارفة ساكنيها بيقولولي ايه !
قعدت شوية حلوين أفكر يعني يا تري اللي في المدينة دي بتقولي ايه ؟
وبعد تفكير عميق اكتشفت اني كل فترة من حياتي كنت بعزل نفسي عن "ساكنيها" علي أد م أقدر! دا غير إن حياتي قبل كدا مكنش فيها احتكاك بيهم أوي. يعني اللي حصل هو اني قطعت الاحتكاك القليّل اللي مقعدش معايا غير شوية قليّلين :D

قبل ما آجي الجامعة كنت قاعدة في قرية. وبسبب من الأسباب كانت عيلتنا مختلفة اختلاف جوهري عن الناس اللي حوالينا ، ودا خلاني محتكش بيهم كتير. انا لحد دلوقت معرفش مين جيراننا ، أعرف اسم العيلة الكبير للناس اللي بيوتهم لازقة ف بيتنا ، بس أسامي الناس اللي أعرفها فيهم قليلة جدا .. تتعد ع الايدين بالعافية!

"ساكنيها" قبل ما آجي الجامعة كانت عيلتي ، وأصحابي اللي معايا في المعهد أو الكُتّاب. المدينة مكنتش بتقولي حاجة علشان أنا مكنتش بكلّمها وأسمع منها!

أول مرة أسمع فيها المدينة كانت أيام الثورة ، وكانت بالنسبة ليّا علي التليفزيون. لما اخواتي كانوا بينزلوا المنصورة ، وف عز الثورة راحوا التحرير. كنت أنا ساعتها قاعدة ف البيت بتفرّج عليهم ع التليفزيون ، علشان بابا كان خايف عليّ .. علشان أنا بنت. ...
يوم 12 فبراير وبعد خطاب التنحي كنا في حالة فرحة هستيرية ، كانت حاجة أكبر وأصعب من إنها تتصدق. من كتر الفرحة طلعت البلكونة علشان أشوف فرحة الناس ، وكانت المفاجأة إن الناس مبتعملش حاجة!
مفيش حد من اللي حوالينا اتحرك .. مفيش حد اتهزّله رمش. ولا كأن اللي حصل في البلد دا يخصّهم. ناس عايشة وخلاص. اللي ييجي ييجي ، واللي يمشي يمشي ، واللي يحصل يحصل. احنا بس هنتخانق لما حد ييجي يتخانق معانا بالاسم.

ودي كانت أول مرة أكره فيها "ساكنيها". ...

لما جييت الجامعة الوضع مختلفش كتير ، كأن الجامعة وأهلي كانوا عاملين صفقة مع بعض مضمونها إن احنا هنديكم البنت وانتو خلوها عندكم طول الوقت.

بقيت تلتربع اليوم بقضيه في الجامعة ، وبقيت اليوم في الشقة اللي ساكنة فيها مع أصحابي بحاول أكتشف ازاي أتحمل مسئولية نفسي للمرة الأولي ف حياتي.

"ساكنيها" كانوا عبارة عن الناس اللي في المدينة بس ... تاني.

الحاجة الوحيدة اللي كنت بحتك فيها بـ "ساكنيها" اللي ف المدينة الكبيرة كانت المواصلات. المواصلات دي أكتر حاجة كرّهتني في البلد. تقريبا أكتر من الأحداث اللي بتحصل فيها دلوقت.
الزحمة كانت بتكلمني وحش أوي ، والناس في الزحمة مبتستحملش اللي حواليها، وخصوصا ان احنا بنبقا مسافرين طريق هياخد اكتر من أربع ساعات ، في وسيلة نقل غير آدمية ، وسواقين مش هاممهم أوي غير إنك تدفعلهم الأجرة اللي هيقولولك عليها.

أول سيمستر في الجامعة كنت بنزل بيتنا كل أسبوع. كل يوم خميس بشيل شنظتي وأنطق الشهادتين وأنزل أغطس في قاع القرف.

انا اكتشفت دلوقت إن الناس مكنتش وحشة ، الظروف اللي كانوا فيها هي اللي كانت وحشة. أنا كمان مكنتش بختلف عنهم ف حاجة لأني كنت ببقا متضاية ومخنوقة جدا. هم كانوا شبهي أد ما أنا كنت شبههم.
الظروف المحيطة بينا هي اللي كانت السبب.

كوسيلة بقا لإني أهرب من كلام "ساكنيها" معايا ، اكتشفت طريقة مواصلات أكثر آدمية ، وكانت السوبر جيت. الطريقة دي كانت بتبعد عني كلام "ساكنيها" ولزقة "ساكنيها" وخنقة "ساكنيها" ، بس مشالتلش عن السوبر جيت زحمة شوارع "ساكنيها".

كوسيلة تانية لتقليل الاحتكاك بـ "ساكنيها" كانت إني بقيت أنزل كل أسبوعين مرة. بعدين بقيت بنزل كل 3 أسابيع. ودلوقت بقيت بقفّل الشهر - اسم الله عليا :D -
والوسيلة الجديدة بقت إني أخلي أهلي همّ يجولي لما تسمح الفرصة :3

أنا متكلمتش مع "ساكنيها" كتير ، ولما اتكلّمت معاهم زعلوني ، فبطّلت أكلمهم.

أنا عارفة إن غالبا دي مش أحسن حاجة أعملها .. وإن أكيد بعدي عن الناس مش حاجة صح. بس الناس هم كمان مخنوقين ومكروبين والحكومة حاطّة عليهم وكل حد في البلد دي حاطط ع اللي جمبه .. فنعمل ايه طيب ؟!



2 comments: