Wednesday, March 23, 2016

الطريق الى جحيم العواصم
لا ادرى كيف غفرت له ذلته تلك، لا ادرى لماذا بادلته الحوار دون اى ضجر او سخط. لقد بدا على ملامحه الخوف اول الامر فهو يعرف جيدا ان لا طاقة لاحد على اقتطاع خلوتى التى بدأت لتوها مع بداية "الاطلال".
الاطلال اذن !! الا يمل ذلك الرجل من الحنين لاطلاله وماضيه؟ ثم اى طلل ذاك الذى يحن اليه ؟ وهل كان ثمة اطلال !!!
يَا حَبِيبًا زُرْتُ يَوْمًا أَيْكَهُ ............... طَائِرَ ٱلشَّوْقِ أُغَنِّي أَلَمِي
لَكَ إِبْطَاءُ ٱلْمُذِلِّ ٱلْمُنْعِمِ ............ وَتَجَنِّي ٱلْقَادِرِ ٱلْمُحْتَكِمِ
وَحَنِينِي لَكَ يَكْوِي أَضْلُعِي ................ وَٱلثَّوَانِي جَمَرَاتٌ فِي دَمِي
- مالامر ؟ الا تذهب فتنتهى من واجباتك قبل النوم ؟
- لقد تحدثنا اليوم فى المدرسة عن مايسمى بمفهوم "المدينة". الان فقط ادركت كم احمل لهذا المكان من معانى الحب والاخلاص، لماذا اذا تحدثونى عن مدن اخرى غير التى سكنت واحببت ؟
هذا هو ولدى الذى لم يتجاوز التاسعة بعد، يحدثنى عن نيويورك على انها مدينته. لم اتمالك نفسى حينها ووجدتنى اصفعه بقوه وانهره:
- ماذا؟ هل جننت ؟ هل تدرك معنى كلامك ؟ 
- وهل تدرك انت معنى رحيلك ؟

هنا اتى دور الام التى اصطحبت الولد خارجا محاوله التهدئه من روعه وهو لم يعهد ذلك السلوك عن ذى قبل .
عادت الذاكرة بى الى مطلع العقد الثالث من القرن الحادى والعشرون، تذكرت القاهرة، مدينتى التى طالما احببت. تركتها هربا من الموت. كم كانت الحياه فيها مستحيلة بعد ان هرب الاغنياء بالاموال خلف الاسوار الشاهقه لما اسموه بعاصمتهم الجديده ولم يتركوا للفقراء سوى بعضهم البعض. اثرت الرحيل قبل ن اضطر للموت جوعا . لم يكن لى طاقة انذاك بحياة عاصمتهم او قل لم يكن لى حق. كم كان فراق القاهرة صعبا وهى المدينة الدافئة التى احتضنت طفولتى وشبابى بسائر ذكريات بيت العيلة واصدقاء العمر. لم اكن اتخيل ان فراقهم قدرا. وهل كنت املك البقاء؟
لماذا اذا نهرت الصبى ؟ لماذا طالبته بما عجزت عن فعله ؟ لقد احب مدينته بصدق، نيويورك التى نشأ بها وتعلم واتخد منها الاصدقاء وشهدت ذكريات طفولته . احسبنى غضبت لهويتى، لمدينتى. تذكرت ايام كان لنا فيها مدينة، واى مدينة، كانت قاهرة. 
اليوم ادركت ان فقدان المدينة هو فقدان للهوية وادركت انه لم يكن من الصواب ان اصفع الفتى الذى تمسك بهويته وقد عجزت عن ذلك عن ذى قبل. 

1 comment: