Thursday, March 24, 2016

الأجرة 15 جنيه..


قالها السائق وهو يغلق باب "الميكروباص" قبل أن ترحل يوم الخميس، كل الناس مسافرون ولا يوجد أي مواصلات في الموقف،، 
ولذلك استغل السائق الفرصة وأضاف أربعة جنيهات على الأجرة المعهودة..

لم يعترض أحد من الركاب، فالكل يعلم أن البديل مؤلم، انتظار لدقائق ربما لساعات، تأخير لعودة كل منا لـ"وطنه" بعد أيام  
مُكئبة وشاقة، تزاحم و تدافع للركوب في "ميكروباص" أخرى الله وحده يعلم متى سوف تأتي..
وكذلك أنا لم أقل شيئًا، تمنيت أن يعترض الناس ويثورون لأعترض معهم، لم أبدأ، فقد كنت أضعف وأكثر جبنًا من أن أفعل هذا..

لم يمض وقت طويل في الطريق قبل أن تقرر ذاكرتي إيذائي، فقد استدعت في عقلي أفكارًا لا أعلم إذا كنت قد قررت دفنها، أم أنها قررت - دون وعي مني- أن ترحل عني وتريحني.. لو حدث هذا من عامين أو ثلاثة، لكنت امتلأت بمشاعر الغضب والحزن والاكتئاب، أو ربما كنت اعترضت وتركت هذه السيارة وانتظرت أخرى، فقد استغل أحدهم حاجتي دون وجه حق، وأخذ مني غصبًا ما لا أريد إعطاءه، حتى لو كان جنيهات قليلة..
لم أتأثر هذه المرة، لم أشعر بالمرارة ذاتها ولا شعور الغضب والاعتراض والثورة، وإنما تقبلت الأمر كما هو، وحمدت الله أني وجدت طريقة آمنة وسريعة إلى المنزل..

ليس هذا وحسب، فلم تكتف الذاكرة بهذا القدر من الألم، بل استدعت أيضًا ما حدث في "يوتوبيا"،، فالأغيار لم يكونوا يعلمون ما سيحدث لهم، هم فقط تنازلوا قليلًا شيئًا فشيئًا إلى أن وجدوا أنفسهم أغيارًا..
تنازلوا هم، ونتنازل نحن، لأن المقاومة تحتاج الكثير من الجهد والكفاح والتعب،، القبول والاستسلام أكثر راحة وسهولة ويعطيك شعورًا لحظيًا بالسعادة والرضا..

ولكن الرهان دومًا على من لا يقبل، على الذين لا يملون تذكير أنفسهم بحقوقهم، ولا يتعبون من الدفاع عنها مهما كان الثمن..
لا أعلم إذا لازال بيننا من يستطيع الرفض، أم أننا جميعًا قد قررنا –عن عمد أو دون عمد- الانسحاب..

1 comment:

  1. متخسريش في السكة الحاجات اللي بتحبيها و تحترميها في زينب. دي قاعدة عامة :) لكن برضه اعرفي ان الانسان بيختار معاركه، و مش بيتخانق على كل حاجة غلط :)

    ReplyDelete