عن السفر وأشياء أخرى

إذا لم تكن من المسافرين الدائمين لسبب أو لأخر فهذه فرصة جيدة لأخبرك ببعض الحكايا عن السفر
أو لنقل فقط أنها قواعد السفر الأربعون، أو ما تيسر من قواعد السفر في الواقع. وحتى لا تذهب بكم الظنون لأماكن بعيدة ما أقصده بالسفر هنا يتحقق في نطاق جمهورية مصر العربية، أم الدنيا كما يطلق عليها مغفلاٌ ما.

 

 

أول شئ تتعلمه فى السفر بشكل دوري , أي تكون عودتك نهاية الأسبوع الذهاب كل أوله , هو ترتيب أولوليات ومتعلقاتك التي ستحملها مع السفر , من المحتم عليك أن تتعلم فن ترتيب المتعلقات بأصغر حقيبة ما , يجب ان تفكر جدياٌ فى حضور دورة فى الهندسة القيمية التي ستركز علي مفاهيم الكيفية بدلاٌ من الكمية .

حسناٌ ربما كانت حقائب النساء مثالاٌ مثالياٌ علي ما أقصده , فأنت تري تلك الحقيبة التي تبدو صغيرة وخفيفة لكنها كأثقال الحديد ما إن تمسكها !

وربما كان عليك التفكير جدياٌ فى أخذ كتاب معك , صدقني ستحتاجه وحتي لو لم تحتجه فخذه معك كدليل علي ممارستك لفن الاولوليات وحل لغز أين ستضعه بين قائمة متعلقاتك .

في السفر المتكرر تحديدًا بالنسبة مثل مسافة 130 كيلومترًا لا تعد شيئًا، لا يهم إن كانت ساعتين ونصف ، ثلاث ساعات حتى وإن وصلت للخمس ساعات، أنا فقط لا أستطيع النوم.. ربما هذا هو أحد مؤشرات اعتيادك للسفر، ألا تجد مشقة فيما تركبه فتنام حتى تصل إلى وجهتك.

فى الواقع أنا كاذب تماماٌ فى مسألة الساعتين والنصف او الثلاث ساعات فلم يحدث مطلقاٌ أن سمعت علي أرض الواقع بأسطورة تقول أن أحدهم وصل المنصورة قادماٌ من القاهرة فى أقل من 4 ساعات , أو ربما كانت أضغاث أحلام !

 

إن كنت من المترددين كثيرًا على وسيلة واحدة، كالقطار، فإنك بالتأكيد ستبدأ بتذكر وحفظ وجوه المترددين من أمثالك عليه، ربما عندما تنقطع عن السفر لبعض الوقت وتعود إليه ستشعر بأنك افتقدت المسافرون، رفقاء السفر.. ومن يدري ربما تبدأ في وضع كل منهم في وظيفة تبدو مناسبة له أو كلية يرتاد عليها، سيصبح هذا مسليًا للغاية طالما أنك لا تستطيع النوم على أية حال.

وطالما لن تقرأ وطالما أنت فى قطار يحمل فى العادة طلاب من كل طيف الشعب المصري فيجب عليك التفكير جيداٌ فى متابعة ثرثرة طالبات الجامعة الحمقاوات المعتاد , ستجد منهم الكثير فلا تقلق .

كشخص يسافر في وسيلة واحدة يجب عليك أن تسمع الكثير ممن يسافروا بوسيلة واحدة أخرى، سيكون الأمر عاديًا باديء ذي بدء، لكنه يصبح كالجحيم بالتكرار.. المواصلات تتعدد لاختلاف الأذواق أيها السادة لذا سيكون رائعًا إن أبقيتم فمكم مغلقًا بخصوص هذا الأمر , فأنا أحب القطار لأنه قطار وكفي .

 

 

التردد كثيرًا على الطريق الطويل ليس أمرًا ممتعًا بالتأكيد، لكنه كالسجن تهذيب وإصلاح – حسنًا هذا محض خيال فى سجوننا اللطيفة والظريفة – ولا ينبغي للشخص الطبيعي أن يحب السفر كثيرًا.

الوقت الذي تمضيه في السفر يمثل فرصة رائعة للتأمل في الحياة، إن لم تصدقني يمكن النظر في العديد من أقوال “المغتربين” مُكثري السفر، يمكنك القول بأن تلك الساعات ستخرج منك الكثير من الدُرر، ولن تكون كل الدُرر مبهجة وجميلة بعضها سيكون سبًا في واقع الأمر.. وسائل المواصلات الخاصة فيما بين المحافظات أداة مذهلة لكي تكره الكرة الأرضية ومن عليها.

 

أو ربما إذا كنت تريد شئ جاهزاٌ وطازجاٌ من المحتوي المفيد جرب مثلاٌ قراءة كتاب أو الاستماع لمحاضرة , ربما خلطة الكتاب مع موسيقي تتمايل معها مع زخات القطار هي الوصفة الأفضل , علي الأقل لن تكون مجنوناٌ بحق لكي تملئ قائمة الاولوليات بكتب من مواضيع مختلفة مثلي وتنسي بقية الحاجيات والمتعلقات مثلي !

 

لا داعي للإحباط بالوقت الذي تعتاد فيه الترحال ينبغي أن تعرف قدر ما تحتاجه وقدر ما لا تحتاجه، بل وكذلك يجب أن تكون لك رؤية للمستقبل، فتلك الحقيبة لن تُحضر نفسها بنفسها، أليس كذلك؟

 

لا تنسى أنك تتعلم الصبر، الصبر في العثور على مقعد، الصبر في الوصول إلى المقعد، وإن كنت سيء الحظ فالصبر في التعامل أو اللاتعامل مع المغفل الجالس بجانبك.

 

 

آه وكدت أنسى، تغيير ما اعتدت عليه سيكون فرصة جيدة لتقدير وسيلتك المفضلة.. هذا لا يبدو له معنً! حسنًا أعتقد أنه يكفي ذلك القدر.

 

وكنصيحة أخيرة , لا تكتب وانت فى القطار أي شئ , لأنه سيكون من نسج خيالك المريض
تماماٌ مثل كلماتي السابقة