اصبحت الان ابلغ العشرين من عمرى و هو على عمر على
مايبدو لى كفيلا بجعلى احن لما مضي فى طفولتى, انا لا اتذكر جيدا كثيرا من الاشياء
و لكن ما اتذكره هو بعض الذكريات غير المترابطه عن بعض الاشخاص والاماكن والاحداث.
اتذكر فى طفولتى استيقاظى كل يوم على صوت جارتنا فى الشارع " جمال "
التى لا اعلم لما سماها ابوها بهذا الاسم الذي لا تمت له بصله فهو فى الاساس اسم
للرجال و لا يدل على شيئ من صفاتها, تلك المرأه التى بلغت من العمر ما شاء الله
لها ان تبلغ حتى توقف الناس عن عده ولكنهم لم يتوقفوا عن استننكار ما تفعله كل
صباح, ف فى كل يوم تستيقظ جمال قبل الفجر لتنجز امور بيتها ثم تاتى الى القمامه و
تلقيها اما منزلها حتى اذا استيقذ الناس خرجت علينا كاشفهً شعراتها البيض لتسب و
تلعن و تدعوا على صاحبه هذه الفعله النكراء, دعائاً لم تفتح له يوما ابواب السماء
امثال " يجيلك و يحط عليكى يا اللى رميتى الزباله ... و تنشلى فى ايديك يا
اللى رميتيها هنا .... هى مين بنت ال ..." الى ما شاء الله لها ان تقول من
خارج اللفظ و نابيه ومن الغريب ان بعد هذه الوصله من (الردح) جلست مع نسوه الشارع
لتكمل باقى يومها وكأن شيئا لم يكن!! . لم اكن فى حينها افهم سبب تلك الوصله
الصباحيه و لكننى اظن انها الوحده, فطيله حياتى لم ارى قريبا او صديقا لجمال اللهم
الا ابن اخيها الذي كان يزورها اول الشهر ليحصل على ما فى النصيب. و على هذه
السنفونيه الصباحيه كنت استيقذ كل صباح لأجهز نفسي للمدرسه فافطر و البس ملابس
المدرسه و انطلق متاخراً كلعادة, كانت اغنيه " يا حلو صبح يا حلو طل " ل
محمد قنديل كم كنت اكره تلك الاغنيه حيث
دائما ما كانت تاتى فى تمام السابعه وخمس وثلاثون دقيقه معلنهً تاخرى على
المدرسه.وقبل خروجى اسمع ذلك الصوت الجميل صوت جدى و هو يقول " احمد... تعالى
بخر بؤك " و يعطينى كوبا من الشاى. ذلك الكوب الذى جعلنى مدمنا للشاى و
القهوه حتى اليوم وحتى الان اشرب هذا الكوب من يد جدى كل صباح عند عودتى من
القاهره. فى طريقى كنت اقابل دائما " عم عبد الفتاح سكر " لم يكن سكر هو
الاسم الاخير له و لكن هذا ما اطلقناه عليه فكانت عاده " عم سكر "
اعطائنا قطع السكر كل صباح. كنت احبه, وكنت اذا اقبل ليعطينى نصيبى اتمنع فى
البدايه فيقول لى ضاكاً " خد يا ياد انت, انت هتكبر عليا دا ابوك لحد انهارده
بياخد منى نصيبه و هو رايح الشغل " ثم يكمل جلوسه امام منزله حاملا مصحفه و
عدسته المكبره فقد كان ضعيف النظر اقرب الى الكفيف منه الى المبصر. حزنت عليه
كثيرا حين مات. كانت زوجته " شربات " هى نقيض " جمال" تماماً
وكان الله جعل وجودها فى الشارع ضماناً للتوازن الطبيعى فى الشارع كانت حسنه
اللسان مع الكل لم اسمع يوما صوتها العالى كانت تدعوا لنا دائما بالتوفيق والسداد
كلما رأتنا و اتخذت من عاده "عم سكر" عادهً لها بعد رحيله و كأنها تخلد
ذكراه فى ادخال الفرح على نفوسنا كل صباح و لكنى اذكر ان مذاق سكر "عم
سكر" كان احلى. كان البيت المواجه لبيت "عم سكر" هو بيت الحاجه
"حكمه" و زوجها " عم فاروق دويدار " لم اكن اعرفه جيدا و لكنه
كان طوال الوقت يتمشى فى الحاره ناظرا للارض و كانه فقد شيئا. كانت امى حين اسألها
عنهم دائما ماتقول " دول ناس طيبين مش بيئزوا حد ملهمش دعوه بحد خليهم فى
حالهم " ينتهى شارعنا ببيت الحاجه " عمامها " اخت " حكمه
" و زوجها " عبد العزيز " اخو عم فارق كانوا على الرغم من ذلك
اعداء . اتذكر كم (الخناقات ) التى شهدها عند عودتى من المدرسه بيت البيتين. فى
الجهه المقابله لبيت عمامها و عبد العزيز كان بيت "مصطفى القاضى" صاحب مزرعه البرتقال والورد و الذي يتحول الى
صاحب محل الكنافه و القطايف حصريا فى رمضان. بعد الخروج من الحاره هنالك طريقين
للذهاب للمدرسه الاول يمر على مسجد العمرى و الثانى يمر على مسجد سيدى عبد الرحمن
الكريدى. مع ان طريق العمرى كان الاقرب كنت افضل طريق الكريدى لان الاخر كان به
كتاب "الشيخ محمد ابو شعير " الذي كنت ارتاده لحفظ القران. فكنت اخاف ان
يرانى الشيخ لانى كالعاده لن اذهب و كنت اريد ان اتحجج بالمرض و لكن رغم محاولاتى
كل صباح لتفادى الذهاب كان يحملنى ابى على الذهاب بعد العوده من المدرسه. كان
الشيخ محمد عنيفا و لكنى حتى الان شاكرا له فعلى يديه اتممت حفظ نصف القرآن : على
الجانب الاخر كان مسجد الكريدى فيما مضى مكانا لمولد سيدى عبد الله الكريدى الذى
كان يستمر على مدار شهر كامل حتى توقف
بقرار جمهورى من الزعيم الراحل جمال عبد الناصر او هكذا اخبرتنى امى . كثيرا من
الذكريات تتداخل الان فى فكرى و لكن كل ما اخلص اليه الان هو الحنين لطفولتى
الجميله و الحنين لمن رحل من هؤلاء من شكلوا طفولتى. لم يتغير الشارع كثيرا منذ
ذلك الوقت الا فى هدم البيوت القديمه و احلالها ببيوت جديده لها نفس الشكل تقريبا
ولكنها تفتقر رائحه شارعنا القديم و اصواته الصباحيه و ذكرياته مع اناس رحلو عنه و
عنا حاملين معهم ذكريات لا تنسي. و للحديث بقيه.
يا بازا انت كتبت ده في التكليف الأول. من فضلك اكتب حاجة مختلفة للمدونة
ReplyDelete