لم تكن مصر أبدًا مكانًا خاليًا من الخرافات، لكنها على العكس كانت منذ فجر التاريخ محطًّا للخرافات. فمصر ليست فقط أم الدنيا في الحضارة لكنها أيضًا أم الدنيا في الدجل واللا معقول.
منذ أن كان الكهنة يؤلهون الملوك ويدعون التحكم في أقدار الناس، إلى وقتنا هذا، فالوضع لم يتغير، ظل إيمان الناس بالدجل والسحر كما هو، كأن حب الإنسان في أن ينخدع، هي غريزة متجذرة في النفس البشرية.
وفي مصر لا فرق في الخرافة بين متعلم وأمي، أو فلاح وأرستقراطي، فالإيمان بالخرافة أصبح متأصلا في الجسد المصري يسري في دمه. الخرافة التي نتحدث عنها الآن هي الخرافة القديمة، تعجب عندما تلاحظ كم هي منتشرة في كل أوصال المجتمع، رغم التطور العلمي الحادث، وتعجب أكثر عندما تجد من يدعون الثقافة يستشهدون بها ويستدلون عليها.
فصرح الخرافة الشامخ أحاط بكل زوايا مجتمعنا، فلم يفرق بين مستوى اجتماعي وآخر، أو بين مدينة أو ريف.
فربما الإيمان بالخرافة هو الشيء الوحيد الذي تحققت فيه المساواة فعليا في مصر. بل إن الإعلام الذي يدعي أهله أنهم مصابيح لتنوير العقول، تجده يسوق وينشر هذا الدجل القديم. فتجد برامج تستضيف من يقرأ الطالع، وبرامج مخصصة للأبراج. بل إن هناك بندًا في كل الصحف مخصصًا لما يسمى علم الفلك والأبراج. بل إن هناك برامج كثيرة الشيوع الآن متخصصة في استضافة من يدعون إخراج الجن من أجساد بعض المتخلفين حضاريًّا. بل إن هناك مشايخ يخرجون الجن على الهواء عن طريق التليفون. وتجد من يتمرغ في أرض الأستوديو ويصرخ، ثم ينطق أحد الدجالين بكلمات هي الحل الشافي لهذا العليل، تخرج من جسده الجني الشرير. هذا لا يدعو للسخرية والاشمئزاز أكثر من الشغف الذي تجده لمشاهدة هذه البرامج من كل الأوساط، وهذا يدعو لذيادة مثل هذه البرامج. فكل ما يهم ممولي الفضائيات هو زيادة ساعات المشاهدة. والخرافة عندهم توزع مجانًا على الهواء.
فربما الإيمان بالخرافة هو الشيء الوحيد الذي تحققت فيه المساواة فعليا في مصر. بل إن الإعلام الذي يدعي أهله أنهم مصابيح لتنوير العقول، تجده يسوق وينشر هذا الدجل القديم. فتجد برامج تستضيف من يقرأ الطالع، وبرامج مخصصة للأبراج. بل إن هناك بندًا في كل الصحف مخصصًا لما يسمى علم الفلك والأبراج. بل إن هناك برامج كثيرة الشيوع الآن متخصصة في استضافة من يدعون إخراج الجن من أجساد بعض المتخلفين حضاريًّا. بل إن هناك مشايخ يخرجون الجن على الهواء عن طريق التليفون. وتجد من يتمرغ في أرض الأستوديو ويصرخ، ثم ينطق أحد الدجالين بكلمات هي الحل الشافي لهذا العليل، تخرج من جسده الجني الشرير. هذا لا يدعو للسخرية والاشمئزاز أكثر من الشغف الذي تجده لمشاهدة هذه البرامج من كل الأوساط، وهذا يدعو لذيادة مثل هذه البرامج. فكل ما يهم ممولي الفضائيات هو زيادة ساعات المشاهدة. والخرافة عندهم توزع مجانًا على الهواء.
http://www.sasapost.com/opinion/superstition/
مبروك يا سمير إنك نشرت مقالك. عندي تعليقين، واحد خاص بالمدونة و واحد خاص بمقالك
ReplyDelete1- أنا بفضل إنك تكتب للمدونة حكاية شخصية و ذاتية أكتر، افتكر ان المدونة عن لغة المدينة و حوارها معاك، مش في المطلق.
2- أنا عارفة قد ايه احنا كمجتمع عندنا سلبيات، لكن بظن إنك لو عايز الناس تفكر في كلامك و تاخد بيه، متحطهمش في موقف دفاع عن نفسهم. أقصد، متهاجمهمش.
حاول تفهم السبب، و علمهم برفق، و اتعلم منهم.