كنت قد قررت الا اكتب عن الموضوع بعد أن أصبح، كعادة
كل شئ يجد علي المصريين، مبتذلا وسخيفاً ومكرراً. الجميع يتحول الي محلل اجتماعي
او سياسي او رياضي (اعتمادا علي الحدث) وتضطر مرغما لسماع نفس النظريات المكررة
والتحليلات الساذجة في كل مكان حتي لتخشي ان تخرج لك من صنبور المياه! كنت قد قررت
الا اتكلم عن الكليشيه
الحالي وهو قضية الفتنة الطائفة التي اندلعت في قرية "الكرم" بالصعيد ولكن هذة المرة بحكم اني اعيش بالصعيد
وعلي مقربة من القرية التي حدث فيها الأمر، فقد تعرضت لجرعة مضاعفة من هذا الأبتذال
اعجز أن اتجاهلها. لا أعدك بأنك ستجد شيئاً مختلفاً عن مئات التدوينات الآخري التي
خصصت لمناقشة الموضوع لكن ربما تقرأ ما غفلت عن قرائته من قبل.
أعتقد أن الحادث في حد
ذاته يمكن تفسيره بالكامل في ظل أحد نظريات علم النفس الإجتماعي. لدي معلومة مؤكدة
بأنه ليس أقل من نصف من قامو باعمال التخريب والحرق ليس لديهم فكرة عن سبب
المشكلة! ربما أرادوا فقط أن يثوروا علي شئ ما. أن يقوموا باحراق تلك البيوت
الأشبه "بالعشش" التي ولدوا واجبروا علي العيش فيها. اما حادث السيدة
التي تم تعريتها فقد تم تضخيم الموضوع بصورة كبيرة حتي ان بعض شهود العيان قد زعم
أنه لم يحدث اصلاً! اذا فالمشكلة ربما بدأت من فتنة طائفية ولكنها في الأصل أكبر
من ذلك بكثير.
بالنسبة للحكومة
فالمشكلة تنتهي عند اعادة بناء البيوت المحروقة والهاء الشعب قليلا في نقاشات فرعية
عن الحادثة. الأعلام كالعادة يخرج ليؤكد أننا نعيش في حب ووئام والجميع (مسلمين
ومسيحيين) متضامن مع من تضرر. لكن اذا لم يكن هناك فتنة فلماذا حدثت المشكلة من
الأساس؟ لماذا لا نريد أن نواجه الأمر؟ العنصرية بداخل كل واحد منا؛ تظهر في المسيحيين
الذين يعانون من عقدة الأضطهاد الروماني! أقرا التصريحات التي تخرج من هذه الفئة
بصيغة "فانظر ماذا حدث له" حادث الفتاة التي حصلت علي صفر في الثانوية
العامة مثلاً "فتاة مسيحية تدخل
امتحان الثانوية فانظر ماذا حدث لها". تظهر ايضا تلك العنصرية في المسلمين
الذين يدعون بأن المسلمين هم المضطهدون الحقيقيون في اوطانهم! فقد تحركت الدولة
بالكامل لأجل سيدة مسيحية بينما المسلمين يعتقلون لمجرد اشتباه انتامئهم لجماعات
اسلامية. ويكأن المسيحيين ليس لهم وجود في هذه الأوطان أو أن اعتقال الدولة لبعض
المسلمين ليس سببه وجود جماعات ارهابية تدعي الاسلام لم يثبت من قبل انتماء
مسيحيين لهم.
ما أريد قوله هو أن
مشاكلنا أكبر بكثير من الفتنة الطائفية؛ كلنا معرض لأن يكون في نفس موقف تلك
السيدة بطريقة أو بأخرى لمجرد كونه مواطن علي هذه الأرض. نحن لا نريد أن نواجه
المشكلة فنوجهها نحو الطائفية وكل يغني علي ليلاه ليحصل علي بعض المكاسب الرخيصة
او لمجرد ان يكون مع الـmainstream لتلك الفترة. الحكومة تصرف
التعويضات والأعلام يؤكد أنه لم يكن هناك مشكلة من الأساس وأن "الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها"
No comments:
Post a Comment