لم يتخطي حاجز العشرين خريفاً بعد، يبدو كشاب
ناضج، يخرج قميصه من الكيس الذي أعطاه المكوجي إياه ليلة أمس، يورنش حذائه القديم،
يكمل لبسه، يغلق باب الشقة، يركب أول ميكروباص.
مواجهة
كل يوم إذاً، عليه أن يتخطي ميدان جهينه، ميدان كبير، ينتظر أن تخضرّ الإشارة، ثم
يجري مخترقاً، شكله مضحك بالتأكيد بشنطته السمراء تهتز خلفه، كل طموحاته أن يتمكن
من إنجاز عبور الشارع قبل مرور الدقيقة.
بعد يوم طويل في الجامعة، يعود أدراجه إلي
ميدان الحصري، مواجهة أصعب من مواجهة الصباح. يرمي عينه يميناً ويساراً (مع العلم
أن السيارات تأتي من اليمين فقط، لكن الاحتياط واجب)، السيارات سريعة جداً، ليس
جيداً في تقدير سرعتها أو تقدير سرعة خطواته. ينتظر حتي يتخذ غيرُه قرار العبور
ويجري بجواره.
كان مجلس مدينة 6 أكتوبر قد قرر منذ فترة أن
يغيّر تجربة صاحبنا اليومية، عدّلوا الطرق بحيث أصبحت اتجاهاً واحداً في معظمها،
أزالوا الكثير من إشارات المرور منها إشارة الحصري، وسّعوا بعض الطرق.
"لا، لن أموت علي إكصدام فيات 128، لن أقبل بأقل من بي إم."
"لا، لن أموت علي إكصدام فيات 128، لن أقبل بأقل من بي إم."
No comments:
Post a Comment