Sunday, May 1, 2016

"آخرك متر * متر ونص"


للأسف ليس قبراً، بل كل ما يملكون من أرض، يملكون؟ لا لا يملكونها. ستجدهم في كل الميادين والشوارع الكبيرة والصغيرة في مصر، المتسولون أو "الشحاتين" كما نسميهم بالإضافة إلي عاملي المهن البسيطة كبائعي المناديل أو ماسحي الأحذية .
 في ميدان الحصري وشوارعه المحيطه ستجد عائلات كاملة تكون كل حياتها متلخصة في هذه المتر * متر ونص، تجلس الأم ويسرح الأبناء مستجدين كل المارة ليعطوهم أي شيء، منهم من يخرج جنيهاً فضياً ومنهم من يخرج أكثر والأغلب ينأي بوجهه "الله يسهلك". في منتصف النهار ستجد العائلة متجمعة، في مساحتها المخنوقة، حول طبق كشري أو ما شابه مما أنعم به عليهم بعض المارة. في نهاية اليوم يتجمعون داخل بطانية واحدة، تأخذ الأم فيها وضع الجنين، حاضنة كل أبنائها من برد الليل، لا يخرج طرف منها أو من أولادها.
تمشي قدماً قليلاً لتجد كهلاً يجلس داخل بطانيته طول اليوم والليل، يخرج رأسه ويده منها بالنهار، ولا تري منه غير يده ليلاً. شعره أبيض، ملابسه رثة، جلده متعب كجسده. ينادي ويكثر من الدعاء للمارة ولا مجيب.
في الفترة الأخيرة ازداد عدد نوع آخر من البشر (ذوي المتر * متر ونص)، عامل مسح أحذية والكثير من باعة المناديل، أغلبهم يرتدون ثياباً جيدة إلي حد ما، وأغلب الظن أنهم من الساقطين من الطبقة الوسطي. ستجد ربة منزل طبيعيةً تحمل مناديل وأمشاط وقصافات أظافر. ماسح الأحذية يمل الانتظار، عينه حزينه، المارة كُثر، والزبائن قليلة.
حين أمشي بجوارهم أسمع الكثير من التعليقات، سواءً من زملائي أو من غيرهم، يتهمونهم دائماً بأنهم لا يحتاجون التسوول أو تلك الأعمل البسيطة، إنما هم من أصحاب الثروات المتخفين أو علي أقل تقدير من المتكاسلين عن العمل. أفكار نكررها لنبرر لأنفسنا بها وجودهم أو كثرتهم، أو ربما من كثرة تداول نفس الأفكار في وسائل الإعلام، لا أعلم علي وجه التحديد، ما أعلمه أن هؤلاء كُثر ويعانون، وتكذيب واقعهم إنكار لأقل حقوقهم.

1 comment: